الخميس، 21 أكتوبر 2010

إدارة "غبية" وفاشلة!


ينصر دينك يا أستاذ شبراوي! ماقلته في اجتماع لجنة الصناعة والطاقة في مجلس الشوري هذا الأسبوع صحيح مائة في المائة.. مصر بالفعل تحكمها إدارة غبية وفاشلة.. والدليل كما قلتَ أن دخلها القومي يعادل إنتاج شركة محمول لا أكثر!

أعجبني هذا التصريح لأنه يذكرنا بأننا لسنا في حاجة إلى زعماء سياسيين، بقدر ما نحتاج لرؤساء مجالس إدارات ومديرين.. البلد مشروع استثماري، والمواطن موظف في هذا المشروع، وزبون لديه في نفس الوقت.. وإدارتنا أخفقت في توفير بيئة إنتاج مثالية لموظفيها، كما أنها أنكرت حقوق الزبون، بل وتعدت عليها وعلى الزبون ذاته.. كيف يمكن أن يفرز ذلك مشروعاً ناجحاً؟ لذا فمن السهل على موظفي شركتنا الفاشلة أن يتخذوا قراراً بالهجرة إلى الشركات الأخرى، التي لا تغرق لأذنيها في الفساد، وتقدر موظفيها وزبائنها على السواء..

يقول قائل في ذم المرشحين المتوقعين للرئاسة إنهم يفتقرون للتاريخ السياسي والعسكري.. يزايد هذا القائل بانغماسه في الشارع المصري ووعيه بمشكلات البلد ومعاناة المواطن، والحقيقة أن حجته تلك إنما تعكس جهلاً واستخفافاً بواقع الحياة في مصر، وتاريخها عبر العقود الست الماضية.. فقد فشل الزعماء الحنجوريون والقادة العسكريون في الدفع بالبلاد خطوة للأمام، وتحقيق أدنى درجات النجاح والتميز.. لماذا لا نجرب نوعاً آخر من القادة؟ قادة لا يلبسون تاجاً وإنما يشمرون عن سواعدهم.. قادة يضعون الخطط وينفذونها، ولا يروجون فقط لبرامج انتخابية غير واقعية.. قادة يندمجون مع الشعب ولا يستأجرون الكومبارس لالتقاط الصور معهم في القري والحارات الشعبية..

المشروعات تفشل لعدة أسباب، يقول المنظرون إن أهمها: الضبابية في تحديد قيادة المشروع، والافتقار إلى الأهداف، وانعدام التواصل.. وهذه الأسباب تنطبق على حالتنا المستعصية بامتياز، فنحن لا نعرف من يقود مشروعنا المتعثر، أهي مؤسسة الرئاسة التي تمجد زعيماً روحياً غائباً؟ أم الحزب الوطني برغبته في الاستئثار بالسلطة والثروة والرأي العام؟ أم وزارة الداخلية بقبضتها الحديدية؟ أم رجال الأعمال الذي ينهبون بيد ويمولون السلطة باليد الأخرى؟ من يدير المشروع؟ ومن يوقع على قرارات البيع والشراء؟ ومن يتحمل مسئولية النجاح والفشل؟

كما أن شركتنا المفلسة تفتقر للأهداف الواضحة، فهي مرة تبحث عن الريادة في السوق، وتراهن على تاريخها في التحرر من الإدارات الأجنبية والعميلة، ومرة تنشغل بالتوسط بين أكثر الشركات تغولاً في المنطقة وأضعف الشركات وأشدها بؤساً وهواناً.. ومرة ثالثة تنهمك في الرد على "الدعايات المضادة"، فتنفق ملايين الجنيهات على تدشين وسائل إعلام صحفية وتليفزيونية، وإنشاء مناطق إعلامية "حرة"، ثم تقطع لسان مقدمي برامج، وتمنع بث قنوات تليفزيون، وتتورط في إقالة رئيس تحرير جريء، وتقيّد خدمة الرسائل الهاتفية الصحفية قبل الانتخابات.. وأخيراً تسخر برنامجها التليفزيوني الرئيسي للدعوة إلى إغلاق موقع الفيس بوك بحجة أنه نافذة للجاسوسية على مصر!! إلام تهدف هذه الإدارة؟ إلى الدفع بمشروعنا التعيس إلى الأمام؟ أم إلى جره عقوداً للوراء؟

أما عن انعدام التواصل، فحدث ولا حرج! فالقيادة "السياسية" لا تقرأ إلا عناوين الصفحة الأولى من الأهرام، بينما تروج إلى انقطاع منافسيها عن قضايا الشارع، ونقص خبرتهم في التعاطي معها.. السلطة تفوّض جنودها ومخبريها في الالتحام بالشعب، والمعارضة تفوض شباباً تحت العشرين في طرق الأبواب والتحدث إلى المارة والعابرين لأخذ توقيعهاتهم على بيانات التأييد والاستنكار.. من يسمتع إلينا إذن؟ من ينصت إلى مشاكلنا ويفكر معنا في الحلول؟ إن هذه الشركة تنقسم إلى طابقين، في العلوي تتربع الإدارة المنتفعة والفاشلة، وفي السفلي يقبع الموظفون والكادحون.. والسلالم خربة، والمصاعد معطلة.. والفراغ الشاسع بين الطابقين سيؤدي حتماً إلى انهيار أحدهما، ولكن على رأس الآخر...
_____________
* نشرت يصحيفة المصري اليوم يوم 21 أكتوبر 2010

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق